الأحد، مارس 28، 2010

جماعة لعليات

للمرأة الموريتانية مكانة خاصة في المجتمع وتقدير خاص من الرجل حيث يلزمه المجتمع بتوفير لها كل وسائل الراحة وتقاس درجة كرم و أخلاق الرجل عند المجتمع بمدى دلاله للمرأة كماأن المجتمع يتسامح كثيرا مع المرأة إذا قصرت في واجباتها البيتية مقارنة مع قريناتها في الدول العربية والإفريقية لذالك هناك العديد من ربات البيوت لديهن وقت فراق كثير جدا تحاول ملئه غالبا بزيارة صديقاتهن لذالك تكون هناك دائما مناسبة للتجمع وقتل الوقت ويطلق غالبا علي هذه الجلسات:جماعة لعليات....جماعة الظحى....أوجماعة أتاي؛ جماعة لعليات هي نشاط تحرص عليه النساء عندنا كنوع من التواصل مع الصديقات أو القريبات والحديث في مواضيع تشغلهم وأحيانا كثيرة الحديث من أجل الحديث وتمضية الوقت؛ من شدة حرصهن علي تلك المجالس تظن أنهن سيحضرن جلسة من جلسات الأمم المتحدة ويعتبرن أن حضور تلك الجلسات مهم لمعرفة آخر الأخبار ومايدور حولهن من مشاكل وكوارث لاتفكر أنهن سيناقشن (زلزال هايتي) كآخرالأخبار أو تداعيات (تسونامي) إنا هي جلسات تتناول آخر الأخبار وتحللها طبقا لنظرية مبتكرة جدا ومفردات معروفة عند النساء مثل(نظرية التلحليح) و(أسلوب الجف) وهو أسلوب يعتمد علي تظخيم الأمور وإعتبارها رغم بساطتها شنيعة ومريعة وكل الأحداث لم يسبق لها مثيل؛ عند متابعتك لمواضيع جماعة لعليات تلاحظ أن كل المواضيع تنحصر في إطار ضيق يبدأ من الأمور الشخصية وينتهي عند حدود (الحارة أو الكرتي) وأحيانا حدود المدينة لكن بفضل أسلوب (التلحليح والجف) المتبع المواضيع تكبر وتتشعب وتحتاج لشهور حتي ينتهين من نقاشها؛ غالبا تكون الأحاديث كالتالي:(فلانة! أنتي مانك مصقولة وضايعة أمالك؟) تجيب فلانة: (يختي مانعرف أمخلطة ياسر من الدهاين ندهن بيهم بعد وألا نوكل (باسي )كل الليلة مانعرف ظاهرلي عن تعينت في جارتنا ). تقول أخري: (ماعلمتي عن جارتكم اتخلات شفتها تدير أدبشها (في وته=سيارة) تجيب أخري بإستنكار: (مانالله ماهي متخلية دارهم اجديدة أوفات وكايسينها). تقول إحداهن: (كتلكم هوم أولادهم كم؟؟ وبوهم يشتغل فاش؟؟) تجيب واحدة :(أولادهم أربعة!) تقول أخري :(والله أل خمسة!) تجيب الثانية:( صرت أولادي أل إثنين!)تصيح إحداهن:( ياأمي أعلي بالأشدية أل أولادهم عشرة !) ويبدأ النقاش ويبدأ الصراخ قد تعتقد أن السقف سيطير وقد تسأل إحداهن سؤال مهم جدا وهو: (قلتلكم أنتوم جراننا ماعرفنا أمنين راحلين؟ أياك نعرفو أخبارهم وأياك دارهم زينة ولا ابدى؟؟؟) هناك يتفقن أخيرا علي وجهة نظرها ويغلقن ملف الجيران ليفتحن ملف أحد آخر وهلم جرى.... المشكلة أن هذا هو الإطار العام لنشاطات وإهتمامات أغلب نسائنا والمجتمع أحيانا يساعد علي ترسيخ هذا الإطار ويجعل من المحظور خروج المرأة عنه فهو إطار يضع مواصفات لمرأة سمينة تتحرك ببطئ وإهتماماتها قليلة جدا تتلخص في (الزريق وأتاي وجمايع والرد) ومن تجربتي الخاصة عندما أتابع الأخبار والبرامج الحوارية علي قناة إخبارية غالبا ما أجد من ينظر إلي بإستغراب ويقول: (هذا شغايل الرجالة أشلك بيه؟؟؟؟) أو حتي أناقش مع أحد أي موضوع دائما أجد تعليق: هذا ليس من إهتمامات لعليات عندنا!!!! وحينها أشعر أن المجتمع يضع حدود للمرأة في الإطار الذي ذكرت. مما يجعلني أتسائل : ماهو سبب قصور إهتمامات لعليات عندنا؟؟؟ ولماذا يعتقد البعض أن مجرد متابعة المرأة الأخبار يعتبر أمر غير مألوف فما بالك باإهتمامات ذات قيمة ؟؟ هل هذا الوضع نتاج عن المجتمع ونظرته للمرأة التقليدية أم أن المرأة مسؤولة عن وضعها والمجتمع أعطاها كامل حريتها لتختار إهتماماتها وطريقة تسير حياتها بالنظر إلي وضعيتها المميزة ودورها المهم في المجتمع الموريتاني.